الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بانها تاريخية. رأي القدس

عندما وصف السيد اسماعيل هنية رئيس الحكومة في قطاع غزة زيارة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني بانها تاريخية، فانه لم يجاف الحقيقة، ولم يقل هذا الكلام من قبيل المجاملة، فاقدام زعيم عربي على هذه المخاطرة الامنية والسياسية في الوقت نفسه ليس بالامر الهين.
قطاع غزة يواجه حصارا ظالما منذ سبع سنوات تقريبا، وتعرض لعدوان اسرائيلي ادى الى تدمير واتلاف حوالي 60'الف وحدة سكنية، واستشهاد 1400 انسان من جراء القصف من البر والبحر والجو معظمهم من الاطفال والنساء.
امير قطر الذي وصل الى القطاع بصحبة عقيلته ووفد قطري كبير ضم رئيس الوزراء ووزير الخارجية حمل معه 450 مليون دولار لتمويل مشاريع اسكان وبناء مستشفى للمعاقين من جراء اصابات الحرب، وشق طريقين رئيسيين على طوال القطاع وهذا تبرع يحسب له ودولته وشعبه.
من الطبيعي ان تتعرض هذه الزيارة الى انتقادات، وخاصة من وزارة الخارجية الاسرائيلية التي اصدرت بيانا اعتبرتها فيه انحيازا الى منظمة 'ارهابية' تطلق الصواريخ وتنفذ عمليات استشهادية تستهدف اهدافا اسرائيلية، وتكسر عزلة حركة 'حماس'.
العدوان الاسرائيلي المستمر على قطاع غزة هو الذي اوصل ابناء القطاع والمتمثل بالحصار والقصف والتوغلات المستمرة، وهو الذي وضع مليوني انسان تقريبا في ظرف انساني مأساوي، وليس ادل على ذلك من تلك الوثيقة التي اضطرت الحكومة الاسرائيلية للافراج عنها وتبين فيها ان الجيش الاسرائيلي حدد عدد السعرات الحرارية لكل انسان في القطاع بحيث يبقى على حافة الموت جوعا.
كنا نتمنى لو تمت هذه الزيارة في ظل مصالحة فلسطينية راسخة، وان يكون الرئيس الفلسطيني محمود عباس على رأس مستقبلي الضيف القطري والوفد المرافق له، تماما مثلما حدث اثناء زيارته الاولى عام 1999 عندما كان الرئيس الراحل ياسر عرفات يتربع'على قمة السلطة في القطاع، ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ونقولها وفي الحلق غصة.
تمويل هذه المشاريع الاسكانية سيخلق فرص عمل للعاطلين عنه في القطاع حيث تصل نسبة البطالة الى حوالي خمسين في المئة، كما سيساعد في تحريك الدورة الاقتصادية الراكدة، وهذا ما دفع نسبة كبيرة من السكان الى التعبير عن فرحتهم بهذه الزيارة.
وربما يجادل البعض بان هذه المشاريع وقتية ولا توفر فرص العمل لقطاع الخريجين من ابناء القطاع وهم يعدون بعشرات الالاف، لان المطلوب تمويل مشاريع انتاجية تتسم بصفة الديمومة، وهذا جدل صحيح ولكن علينا ان نضع في الاعتبار انها خطوة اولى، يجب ان تتبعها خطوات اخرى من دولة قطر ودول الخليج العربية الاخرى، ليس في قطاع غزة فقط وانما في الضفة الغربية ايضا التي تواجه حصارا اسرائيليا من نوع مختلف، وتعاني اقتصاديا من جرائه.
امير دولة قطر قد اصاب كبد الحقيقة عندما اكد ان زيارته والوفد المرافق له الى قطاع غزة، في كلمته التي القاها في الكلية الاسلامية ما كانت لتتم لولا نجاح الثورة المصرية المجيدة، والدعم الذي قدمه الرئيس المصري محمد مرسي لتذليل كل العقبات في طريقها. فهذه الثورة المصرية المباركة قلبت كل المعادلات السياسية والاستراتيجية رأسا على عقب، واعطت دفعة كبيرة من الامل في الحرية والكرامة ليس لابناء قطاع غزة وفلسطين بشكل عام فقط وانما لمصر وابناء الامتين العربية والاسلامية معا.
انها ليست المرة الاولى التي تساهم فيها دولة قطر في اعمار ما دمره العدوان الاسرائيلي، فقد فعلت الشيء نفسه لاعمار جنوب لبنان بعد عدوان عام 2006 الذي حققت فيه المقاومة اللبنانية انتصارا كبيرا ما زالت دولة الاحتلال تعاني من اثاره ونتائجه حتى هذه اللحظة.
انفاق الاموال العربية في اعادة الاعمار وخلق وظائف للعاطلين المحاصرين في لبنان او فلسطين او اي بقعة في العالمين العربي والاسلامي خطوة تستحق التقدير، ولهذا كان ابناء القطاع الذين رفعوا لافتات تقول 'شكرا قطر' ومن قبلهم ابناء جنوب لبنان محقين في ذلك. فما ينفع الناس هو الذي يمكث في الارض اما الزبد فيذهب جفاء.
Twier: @abdelbariatwan

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق