الجمعة، 6 يوليو 2012

احتجاجات سلطنة عمان تعني ان وعود الإصلاح غير كافية




ـ (رويترز) - عندما بدأت احتجاجات "الربيع العربي" تهدد ثم تطيح برئيسي كل من تونس ومصر وضع السلطان قابوس بن سعيد سلطان عمان في اعتباره هذا الأمر ونزع فتيل الاحتجاجات المحتملة في بلاده بوعود بتوفير وظائف وإجراء إصلاحات.
ويبدو أن هذا نجح في أغلب الأحوال.. وبعد نحو عام من إضرابات واحتجاجات هنا وهناك ضد البطالة والفساد لم تمر عمان بأي شئ مماثل للاحتجاجات التي قامت في البحرين المجاورة أو تلك التي مهدت الطريق للتدخل العسكري في ليبيا.

لكن موجة جديدة من الإضرابات وهذه المرة في قطاع النفط الذي يوفر 70 في المئة من إيرادات السلطنة تشير إلى أن مشاعر الاستياء ما زالت قائمة بل إنها تذكي الانتقاد المستتر للسلطان قابوس الذي أصبح الآن أقدم حاكم في العالم العربي.


وقال اكاديمي عماني طلب عدم نشر اسمه خشية انتقام الحكومة منه "لم تكن الإصلاحات والإعانات والوعود كافية وكانت التوقعات أعلى بكثير."


ولا تسمح عمان التي يسكنها 2.8 مليون نسمة فقط وتطل على الممر الذي يشحن منه خمس تجارة النفط العالمية بتشكيل الأحزاب السياسية أو أي شكل آخر من أشكال التمثيل السياسي وتجعل سلطة السلطان شبه مطلقة على الحكومة والقوات المسلحة.


ويعتبر كثيرون السلطان قابوس الذي تولى السلطة عام 1970 فوق اي انقسامات قبلية او اقليمية.


وانتقاد السلطان قابوس من المحرمات ولذلك تحملت الحكومة الجزء الاكبر من هجوم النشطاء في منتديات على الانترنت في السنوات القليلة الماضية.


لكن في المظاهرات التي قامت مؤخرا ردد المحتجون هتافات تشير بشكل غير مباشر للسلطان قابوس وكتبوها على لافتات طبقا لوصف شهود عيان وأشخاص معنيين.


وقال نشطاء إن إحدى اللافتات أشارت على سبيل المثال إلى أن الخيول أصبحت أكثر قيمة من الناس في إشارة إلى إرسال السلطان اكثر من مئة من الخيول العربية الأصيلة على طائرات مؤجرة إلى بريطانيا للمشاركة في احتفالات اليوبيل الماسي لتولي الملكة اليزابيث العرش.


وانتقد شعار آخر السلطان لتمضيته وقتا خارج البلاد في وقت أزمة.


ويقول بعض المعلقين السياسيين ان الكثير من المواطنين العمانيين يشعرون بالقلق من تطور الأحداث.


وقال عماني عمل في قطاع النفط وعلى علم بالحساسيات السياسية المحيطة بالقطاع "الإضرابات ذاتها سببت انقساما."


وأضاف "ثم نرى هذا (إهانة السلطان) في الشوارع.. في العاصمة.. كان أمرا صادما. الكثير من الناس لم يعجبهم ذلك. الاندفاع لتسييس الإضراب بهذه الطريقة اخاف الناس.. أيا كان رأيهم عنه في البداية."


ومن بين الإصلاحات التي أجراها السلطان قابوس تعديل وزاري شمل أكثر من ثلث أعضاء الحكومة وتوفير آلاف الوظائف في القطاع العام ودفع إعانات للعاطلين الذين يقدر صندوق النقد الدولي أنهم ربع العمانيين.


كما وعدت الدول الأكثر ثراء في مجلس التعاون الخليجي بتقديم 20 مليار دولار من أموال التنمية لعمان مناصفة مع البحرين ولكن تلك الاموال لم تصل حتى الآن.


وقال مسؤول في لجنة?? ??مكافحة البطالة تابعة لوزارة القوى العاملة إن الحكومة وفرت 50 ألف وظيفة بين مايو ايار العام الماضي وابريل نيسان العام الجاري وإنها تخصص مليار دولار سنويا لتوفير 40 ألف وظيفة إضافية في قطاع الحكومة.


لكن ما زالت تثور احتجاجات متقطعة منذ اضطرابات العام الماضي التي قتل فيها اثنان على الأقل عندما سعت قوات الأمن لإنهاء الاعتصامات في أنحاء البلاد.


وفي أحدث احتجاج يوم السبت تظاهر ما يصل إلى 200 شاب عماني الكثير منهم حديثو التخرج في صحار حاملين لافتات تطالب بالوظائف وتحسين ظروف المعيشة وإنهاء الفساد.


ووصف مسؤول الوزارة الاحتجاجات بأنها حالات معزولة.


وقال المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه لرويترز "المحتجون الحاليون تركوا وظائفهم ويريدون العمل برواتب خيالية او كسالى أو مثيرو مشاكل فحسب."


وتابع "نحن غير قلقين من الاحتجاجات لأنها حالات معزولة لمن تركوا وظائفهم والذين عليهم ان يقبلوا وظائف برواتب معقولة."


وأحالت وزارة الإعلام الاستفسارات إلى وزارة القوى العاملة.


ووقعت الإضرابات في قطاع النفط الحيوي في مايو ايار عندما توقف المئات من المتعاقدين مع شركات تعمل مع شركة النفط الحكومية الرئيسية عن العمل للمطالبة بزيادة الأجور. وقالت شركة تنمية نفط عمان إن النزاع انتهى بصورة كبيرة بحلول الثاني من يونيو حزيران وإن أغلب المضربين عادوا للعمل.


وزار ثلاثة نشطاء من بينهم محام واحد على الأقل المنشأة لمراقبة التطورات وألقي القبض عليهم وأفرج عن اثنين منهم منذ ذلك الحين.


وأشعلت الاعتقالات موجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي وهو ما ردت عليه الحكومة بمزيد من الاعتقالات لستة مدونين على الأقل خلال الفترة من أول إلى 10 يونيو حزيران.


وعندما تجمع نحو 30 شخصا امام مقر للشرطة في منطقة القرم بالعاصمة مسقط يوم 11 يونيو احتجاجا على حملة الاعتقالات ألقي القبض على 22 آخرين. ثم أفرج عن 11 منهم بكفالة في الأسبوع الماضي إلى حين مثولهم أمام المحكمة في وقت لاحق من الشهر الجاري بتهمة التجمهر بشكل غير مشروع وإعاقة المرور.


وقال مكتب المدعي العام العماني حسين بن علي الهلالي في بيان نقلته وكالة الانباء العمانية يوم 13 يونيو إن الحكومة تتخذ إجراءات مشددة ضد الاستخدام المتزايد للغة المهينة في مواقع التواصل الاجتماعي والتحريض على الإضرابات من خلالها.


ورفض الهلالي التعقيب على الاتهامات المحددة الموجهة للمدونين وغيرهم.


وقال الكاتب العماني حمود الشكيلي الذي يطالب بالإفراج عنهم إنه يعتقد أن الاتهامات سيجري تلفيقها.


وقال إنها مسألة خاصة بأجهزة الأمن ويمكن أن يختلقوا أي اتهامات يريدونها بما في ذلك التجمهر بشكل غير مشروع رغم أن هذا ليس ما حدث.


وذكر الأكاديمي الذي طلب عدم نشر اسمه أن قسوة رد الفعل على الاضطرابات تشير إلى أن من يفضلون قمع المعارضة هم الذين لهم الغلبة إلى جانب الجهاز الأمني العماني الذي ينظر للوضع باعتباره تهديدا أمنيا خالصا.


وتابع "بدأ المتشددون (في الحكومة) يكتسبون أرضا ويفضلون الإجراءات الأمنية بدلا من التفاهم والتهدئة. التصور بأنها مجرد مسألة أشخاص يحاولون زعزعة استقرار البلاد اعتقاد خاطئ."


وقال الأكاديمي إنه يعتقد أن الانتقاد الجديد الموجه للسلطان قابوس يشير إلى درجة الانفصال بين الدولة التي أسسها والمواطنين العمانيين الان الذين تمثل لهم البطالة أهمية كبيرة تماما مثل الطرق الجيدة نسبيا والخدمات العامة.


وقال الأكاديمي "الجيل الجديد لا يتذكر ما حدث في السبعينات وكيف نجح في تحويل البلاد."


ومضى يقول "ما زالت أغلبية كبيرة تحبه. لكن من السخف تصور ان هذا الحب لا نهاية له.. بلغت الأمور مستوى جعلت الناس تضج من حوله."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق