يواجه سكان قرية أغريب الواقعة على بعد 45 كلم شمال شرق مدينة
تيزي وزو حادثة غريبة من نوعها، تسببت في اشتعال نار الفتنة بين سكان
القرية الذين انقسموا إلى قسمين متصارعين حول قضية يصعب إيجاد حل لها إن لم
تتدخل السلطات العليا في البلاد، وهذا المشكل يتمثل في الصراع القائم
حول مشروع بناء مسجد في قلب القرية، بمبادرة من طرف اللجنة الدينية، لكن
المعارضة الشديدة للجنة القرية حالت دون ذلك واشتعلت نيران الفتنة بين
المواطنين، بين أفراد العائلة الواحدة، حيث وصل الأمر إلى حد تخريب المسجد
الجديد ودخول الطرفين في مشادات واشتباكات خلفت إصابات العشرات من
المواطنين· وقصد نقل الحقائق وخلفيات هذا الصراع الذي مس بسمعة وهيبة منطقة
''أغريب'' التي أنجبت شهداء ضحوا بالنفس والنفيس لأجل أن تحيا الجزائر،
أبت ''الجزائر نيوز'' إلا أن تقوم بزيارة ميدانية إلى المنطقة لتجري تحقيقا
وتنقل تفاصيل مثيرة تكشف فيها عن وقوف زعيم حزب التجمع من أجل الثقافة
والديمقراطية المسمى بـ ''الأرسيدي'' سعيد سعدي وراء القضية·
من
خلال لقائنا مع سكان قرية أغريب، تبين أن الأمور بلغت حد التعفن بين
المواطنين، فطرف يتمثل في اللجنة الدينية مع القسم المنشق من لجنة القرية،
والطرف الثاني يتمثل في لجنة القرية بمساندة رئيس بلدية أغريب ونواب في
البرلمان ومنتخبين في المجلس الشعبي لولاية تيزي وزو المنتمين لحزب
''الأرسيدي''، هؤلاء يعتبرون المعارضين لمشروع بناء مسجد جديد في القرية
دون سبب يذكر، حيث تحول الصراع إلى مصائب تسببت في خلق العداوة بين
المواطنين والتفرقة بين العائلات والأحباب·
المشاكل بدأت بعدما تم تأسيس اللجنة الدينية التي قررت إنجاز
مسجد جديد
السبب
الرئيسي الذي أدى إلى خلق المشاكل وإثارة البلبلة بين المواطنين في قرية
أغريب، حسب المعلومات التي تحصلنا عليها من سكان القرية، بدأت بعدما تم
تأسيس لجنة دينية في القرية التي تعد مسقط رأس زعيم حزب التجمع من أجل
الثقافة والديمقراطية ''سعيد سعدي''، بالرغم من أن فكرة تأسيس هذه اللجنة
الدينية جاءت بمبادرة من طرف لجنة القرية، حيث ومباشرة بعد حصول اللجنة
الدينية على اعتمادها من طرف الولاية، بدأت أطراف من القرية تقودها شخصيات
معروفة بنشاطها في ميدان نشر الفكر الديمقراطي المزعوم، حيث في27 جوان 2007
تم عقد اجتماع عام بالقرية حضره السكان ولجنة القرية، ويتضمن جدول أعمالها
مشروع ترميم مسجد الولي الصالح ''سيدي جعفر''، وكذا بناء مسجد جديد، وخرج
الاجتماع بعد نقاش طويل بالإجماع على تجسيد القرارين، بعدما رحب كل السكان
والحاضرون بالفكرة· لكن لجنة القرية صادفت مشكلا قانونيا وإداريا في بناء
مسجد جديد، بعدما طلبت منها السلطات المعنية ضرورة إنشاء لجنة دينية تتكفل
بمشروع بناء مسجد جديد، وهو ما تم تجسيده في ,2007 حيث تم تأسيس لجنة دينية
وأوكلت لها مهمة بناء المسجد الجديد، فيما تتكفل لجنة القرية بترميم مسجد
الولي الصالح سيدي جعفر، لكن وبعد شهر من الاجتماع العام استقال رئيس لجنة
القرية ''سعدي مولود'' من منصبه، وتولى الرئاسة ''عامر محند'' الذي صرح
''جاءني أرزقي عيدر وهو نائب برلماني في حزب الأرسيدي، وطلب مني منحه تقرير
الاجتماع العام الذي أقر بناء مسجد جديد بقرية أغريب وترميم مسجد سيدي
جعفر''، لكن الرئيس الجديد للجنة القرية رفض طلب النائب البرلماني، بحجة
أنه لم يكن المسؤول على إمضاء التقرير لأنه لم يكن هو رئيس اللجنة·
وقبل
ذلك فقد تحصلت اللجنة الدينية على قطعة أرضية في المكان المسمى ''سوق
الاثنين'' المتواجد بقلب قرية أغريب، التي ستحتضن مشروع المسجد الجديد،
وحسب ما أكده أعضاء اللجنة الدينية كان ذلك في تاريخ 15 جويلية 2006 خلال
اجتماع بمقر بلدية أغريب، حيث تم الاتفاق على تخصيص قطعة أرضية في المكان
السالف الذكر والتابع لأملاك الدولة بمساحة 1 هكتار، وعلم أن هذه القطعة
الأرضية لم يتم تحويلها لأملاك مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية تيزي
وزو، اضطرت اللجنة الدينية التي انتهت عهدتها للانتظار إلى غاية شهر مارس
,2007 بعدما تم تجديدها، حيث تقدم أعضاؤها إلى المصالح الولائية لطلب تحويل
ملكية القطعة الأرضية لفائدة مديرية الشؤون الدينية، وقد تمكنت من الحصول
على القرار الولائي رقم: 677/م ع إ/ م أ د/ 07 بتاريخ 7 نوفمبر ,2007 يقضي
بتحويل رسميا الملكية لمديرية الشؤون الدينية والأوقاف· وبعد استكمال كل
الإجراءات القانونية اللازمة قامت اللجنة الدينية بتاريخ 16 جانفي 2008
بإيداع طلب لدى البلدية قصد الحصول على رخصة البناء، التي تحصلت عليها، ومن
هنا بدأت مشاكل القرية تتفاقم·
أطراف الأرسيدي تتسبب في تقسيم لجنة القرية والإعلان المباشر
عن معارضة بناء مسجد جديد بالقرية بالضغط على رئيس البلدية
في
البداية كانت الأمور تجري بشكل عادي، إلا أن أطرافا تنتمي إلى حزب
الأرسيدي، وعلى رأسها النائب البرلماني ''عيدر أرزقي'' قامت بتدبير انقلاب
داخل لجنة القرية أدى إلى إبعاد بعض الأعضاء بطريقة غير قانونية بمن فيهم
رئيس اللجنة السيد ''عامر محند'' وتم تعيين مكانه السيد ''عيدر علي''، حيث
انقسمت لجنة القرية إلى طرفين قسم ينتمي إلى اللجنة الدينية ويؤيد بناء
المسجد وقسم يمثل الأقلية يعارض مشروع بناء المسجد الجديد، حيث قامت لجنة
القرية المعارضة ومن دون علم أعضاء اللجنة الدينية بتقديم عريضة في سرية
تامة، وقاموا بجمع أزيد من 650 توقيع قصد إيداع هذه العريضة إلى المصالح
البلدية لطلب إلغاء رخصة البناء الممنوحة للجنة الدينية، وفي تاريخ 5 ماي
2008 تلقت اللجنة الدينية إعذارا من طرف البلدية يقضي بالتوقف الفوري
لأشغال مشروع المسجد الجديد، بحجة وجود معارضة من طرف لجنة القرية والسكان·
وبعدها قامت اللجنة الدينية بالتحرك والاتصال بكل السلطات المعنية منهم
والي الولاية، رئيس البلدية، رئيس الدائرة، لكن لم تسجل أي تدخل ولا أي رد،
ونظرا لتوفر كل الشروط القانونية والشرعية والمادية التي تسمح له ببناء
هذا المسجد الجديد، قررت اللجنة الدينية استئناف الأشغال مع إشعارها لرئيس
البلدية بقرار مواصلتها، حيث قامت بمساعدة العديد من سكان القرية على إنجاز
القاعدة الأساسية للمسجد، وهذا ما جعل الأطراف المعارضة تنتفض، حيث هددت
بتخريب وهدم وحرق المسجد·
وبتاريخ
6 جوان ,2009 تلقت اللجنة الدينية إعذارا ثانيا من البلدية يأمرها بوقف
الأشغال مع التهديد بالمتابعات القانونية والقضائية·
75 % من الذين أمضوا عريضة منع بناء مسجد جديد بقرية أغريب
نساء
اكتشفنا
خلال عملية التحقيق أن الطرف المعارض لبناء مسجد بقرية أغريب، اعتمد في
جمعه لتوقيعات العريضة التي تم إيداعها لدى المصالح البلدية، على العنصر
النسوي، وفي هذا السياق أكد أعضاء اللجنة الدينية أن 75 % من الأسماء
المدرجة في العريضة هي من فئة النساء وأغلبهن شابات، إذ لم يخفِ محدثونا أن
العدالة رفضت استلام هذه العريضة التي تحمل أسماء نساء، وفي نفس السياق
أكد العديد من سكان القرية المؤيدين لبناء المسجد أنه قد أدرجت أسماء لنساء
في العريضة دون علمهن ولا علم أهلهن، حيث يتساءل المواطنون عن السبب
الرئيسي الذي دفع هؤلاء المعارضين إلى القيام بمثل هذه التصرفات والتجاوزات
التي تمس بشرف العائلات، ''نحن نتساءل عن حقيقة هذه العريضة، وهل حضرت
نساء القرية في الاجتماع العام الذي أقر بناء مسجد جديد وترميم مسجد سيدي
جعفر، حيث صوت كل الحاضرين بالإجماع؟''·
الأسباب التي دفعت اللجنة الدينية لإنجاز مسجد جديد بقرية
أغريب
كشف
أعضاء اللجنة الدينية في تصريحاتهم لـ ''الجزائر نيوز''، أن هناك أسبابا
عديدة دفعتهم لبناء مسجد جديد بالقرية، وفي هذا الصدد ذكروا أن مسجد سيدي
جعفر قديم وصغير ولا يقدر على استيعاب العدد الهائل من المصلين، وأنه
يتواجد داخل مقبرة محاط بالقبور من كل الجهات، وفي هذا الصدد أكدوا أنهم
قاموا بالتحقيق والتحري والاستفسار حول الشرعية الدينية لبناء مسجد فوق
القبور ووسط مقبرة لمعرفة جواز الصلاة فيه، حيث تحصلوا على آراء وفتاوى
تؤكد لهم عدم جواز الصلاة في المساجد المشيدة فوق القبور، خصوصا وأن إحدى
العائلات رفضت نقل رفات ذويها·
كما
أضافوا أن شيوخا ومسنين والعديد من سكان القرية يطالبونهم بضرورة بناء
مسجد جديد بقريتهم مثل ما هو حال معظم قرى منطقة القبائل، ولهذه الأسباب
قررت اللجنة الدينية بناء مسجد جديد بعدما قامت بكل الإجراءات القانونية
والشرعية اللازمة بما في ذلك حصولها على رخصة البناء، ووثيقة الترخيص لبناء
مسجد وقع عليها كل من والي الولاية، رئيس دائرة أزفون، رئيس بلدية أغريب،
مدير الشؤون الدينية والأوقاف، مصالح أملاك الدولة ''الديوان'' ومصالح
مديرية الغابات·
المعارضون يهدمون مسجد سيدي جعفر ويقررون ترميمه في أقرب وقت
بهدف توقيف مشروع المسجد الجديد نهائيا
وحسب
المعلومات التي أدلى بها سكان القرية، فقد قرر الطرف المعارض هدم مسجد
الولي الصالح ''سيدي جعفر'' لإعادة ترميمه، وكان ذلك في 11 جوان ,2009 حيث
قرروا توسيعه بالرغم من أن هذا المسجد يتوسط مقبرة القرية، وبحسب شهادات
شيوخ ومسنين بالقرية، فهؤلاء مارسوا تجاوزات خطيرة في حق الموتى، وأكدوا
أنهم تجرأوا على تخريب القبور وقاموا بجمع رفات الموتى وعظامهم ووضعوها
داخل حفرة جماعية بمحاذاة المسجد، وهي العملية التي لقيت استياء شديدا من
طرف سكان القرية لاسيما من أهالي الموتى·
وعلى الرغم من معارضة بعض
العائلات التي أصرت على عدم نقل رفات موتاهم من مكانه، إلا أن هؤلاء تجرأوا
على تشييد المسجد فوق القبور مما أثار بلبلة حادة أوساط السكان· وأرجع كل
الذين تحدثنا إليهم أن هؤلاء لا يريدون بهذا المسجد القديم إلا منع بناء
مسجد جديد بحجة توفر القرية على مسجد· وفي هذا السياق، وجه العديد من سكان
القرية نداء للسلطات المعنية قصد فتح تحقيق في القضية لاكتشاف الانتهاكات·
القضية حولت إلى العدالة ومجلس قضاء تيزي وزو فصل فيها لصالح
اللجنة الدينية
نظرا
للمعارضة الشديدة التي يقودها أتباع ''سعيد سعدي'' لعرقلة مشروع بناء مسجد
جديد بقريته، وهذا باستخدام كل الوسائل المتاحة، بما فيها الضغط على رئيس
بلدية أغريب الذي ينتمي هو الآخر إلى حزب ''الأرسيدي''، وهذا الأخير، وبحسب
ما أكده أعضاء اللجنة الدينية والمنشقين من لجنة القرية، أصدر وبطريقة غير
قانونية قرار ''إلغاء رخصة البناء'' بتاريخ 30 جوان 2009 بحجة المعارضة
من طرف لجة القرية والسكان، حيث قامت اللجنة الدينية برفع دعوى قضائية ضد
البلدية لدى محكمة اعزازفـة، التي قضت بعدم التخصص، وتم تحويل القضية إلى
مجلس قضاء تيزي وزو، الذي فصل في القضية لصالح اللجنة الدينية بتاريخ 7
ديسمبر 2009 وأصدر حكما نهائيا تحت قرار ''إلغاء رخصة البناء'' الصادرة عن
بلدية أغريب· وبعدها صرح أعضاء اللجنة الدينية أنهم عقدوا اجتماعا يوم 19
جانفي المنصرم مع لجنة قرية أغريب وقالوا في هذا الشأن ''أعلمناهم بأننا
سنستأنف أشغال إنجاز المسجد يوم 20 جانفي''، وأضافوا ''قمنا بإخطار رئيس
بلدية أغريب كتابيا بالموضوع عن طريق محضر قضائي'' وبحسبهم فرئيس البلدية
رفض استلام هذه الوثيقة ''وبعدها قمنا بإخطار رئيس دائرة أزفون ووالي ولاية
تيزي وزو السيد حسين معزوز، ورئيس فرقة الدرك الوطني ببلدية فريحة''
وأخبروهم بقرار استئناف أشغال الإنجاز·
اللجنة الدينية تستأنف أشغال المسجد الجديد ولجنة القرية ترد
بتخريب وهدم وحرق المسجد
بعد
إشعار اللجنة الدينية لكل الجهات المعنية باستئنافها لأشغال إنجاز المسجد،
قام أعضاؤها والعديد من سكان القرية يوم 22 جانفي المنصرم المصادف ليوم
الجمعة بعملية ''تويزا'' التي تعني التعاون بين المواطنين لإنجاز عمل ما،
وقاموا بتشييد 7 أعمدة إسمنتية وتشييد جدار بمادة الأجر، ليفترقوا فيما بعد
لأداء صلاة الجمعة، لكنهم تفاجأوا بعد عودتهم من الصلاة بأعمال التخريب
والحرق والتحطيم التي تعرض لها المسجد الجديد، التي نفذها هؤلاء المعارضون،
وحسب ما أكده أعضاء لجنة القرية، فإن هذه العملية أدت إلى تخريب وإتلاف كل
المواد والعتاد وتجهيزات البناء المتواجدة في عين المكان، وألحقوا خسائر
مادية جد معتبرة بالمسجد، حيث هدموا سبعة أعمدة إسمنت أساسية تم إنجازها
صبيحة الجمعة، وتم هدم جدار بأكمله، وأقدموا على حرق أزيد من 600 وحدة خشب
بناء باستعمال مادة المازوت، فيما تم إتلاف 150 قنطار من مادة الإسمنت،
وكسر وتخريب أزيد من 2000 وحدة آجر· لكن أعضاء اللجنة الدينية والمواطنين
المؤيدين لمشروع بناء المسجد لم يقوموا بأي رد فعل، بل تركوا هؤلاء
المخربين يواصلون عملهم، واكتفوا بالتفرج·
اللجنة الدينية ترفع دعوى قضائية تتهم 70 شخصا من بينهم
شخصيات سياسية في حزب الأرسيدي
حسب
شهادات العديد من مواطني قرية أغريب، فإن اللجنة الدينية لم تقم بوقف
هؤلاء الذين خربوا المسجد، بل بقيت تتفرج حتى رحيلهم بإرادتهم، وقام أعضاء
اللجنة الدينية بإداع شكوى لدى مصالح الدرك الوطني ببلدية فريحة واتهمت 70
شخصا قاموا بتخريب مسجد قريتهم، ومن بينهم شخصيات سياسية تنتمي إلى حزب
''الأرسيدي'' على غرار ''عيدر أرزقي وهو نائب برلماني، آيت عيدر بعديش مدير
سابق للبنك الوطني الجزائري ينتمي إلى حزب الأرسيدي، سعدي محند وهو رئيس
مجلس حزب الأرسيدي ببلدية أغريب، إضافة إلى منتخب بالمجلس الشعبي الولائي
ينتمي هو الآخر إلى حزب الأرسيدي·
أعمال التخريب تتجدد ومواجهات بين الطرفين خلفت العشرات من
الجرحى
في
29 جانفي المنصرم، أقدم العديد من هؤلاء المعارضين لبناء مسجد بقرية أغريب
على إعادة فعلتهم وتخريب المسجد من جديد بعدما تم إعادة إنجاز الأعمدة
الإسمنتية، لكن هذه المرة وقف أمامهم أعضاء اللجنة الدينية والمئات من
المواطنين وأكثرهم شيوخ ومسنين تفوق أعمارهم 60 سنة، قاموا بالتجمع
والتجمهر داخل أرضية المسجد ومنعوا من تخريبه وحرقه، حيث اكتفى هؤلاء
المعارضون بتخريب مواد البناء ككسر كل الآجر ورمي مادة الدهن على مواد
البناء الحديدية، وبعدما لم يرد عليهم أصحاب مشروع المسجد، قاموا برشقهم
بالحجارة والآجر ودخل البعض منهم في مشادات خلفت العشرات من الجرحى وتسجيل
عدة حالات إغماء في صفوف النساء، ولولا تدخل بعض العقلاء لتهدئة الوضع،
لكاد أن يحدث ما لا يحمد عقباه، وفي هذا السياق لم يخف مواطنو القرية أن
المنطقة تحولت إلى مسرح مواجهات بين سكان القرية وبين أفراد العائلة
الواحدة، فضلا عن تبادل الاتهامات والشتائم بين الطرفين، وهي المشاهد التي
لقيت استياء كبيرا في أوساط السكان·
وكشف أعضاء اللجنة الدينية أن الخسائر المالية
التي خلفتها أعمال التخريب في المسجد، والتي مست مختلف تجهيزات وأدوات
ومواد البناء بلغت 250 مليون سنتيم، وأشاروا إلى أن الحصيلة مرشحة
للارتفاع، خصوصا وأن هؤلاء المعارضين مصرون على تخريب وحرق كل المواد·
رئيس لجنة القرية السابق يفتح النار على الأعضاء الجدد ويؤكد
على غياب الشرعية لقانونية للجنة
صرح
''عامر محند'' وهو الرئيس السابق للجنة القرية، والذي يعتبر من المؤيدين
لبناء مسجد جديد، أن جميع هؤلاء الذين يتحدثون باسم لجنة القرية وعلى رأسهم
''عيدر علي'' الرئيس الحالي للجنة لا يمثلون إلا أنفسهم وأقلية من
المعارضين، والمنتمين إلى حزب الأرسيدي، وأكد أنهم لا يملكون أية شرعية
قانونية ولا شعبية، مستدلا بانقسام اللجنة إلى طرفين، حيث أشار إلى أنه
اُبعد من على رأس اللجنة بطريقة تعسفية بهدف عرقلة إنجاز مسجد جديد
بقريتهم، وبحسبه هذه القضية دبرها أتباع سعيد سعدي·
المعارضون رفضوا حل الصراع وانتهكوا وعود عرش آث جناد ولجنة
العقلاء
اكتشفنا
كذلك خلال التحقيق أن هؤلاء المعارضين لا يريدون حل الصراع، حيث خلفوا
الوعود التي قدموها لأعيان عرش آث جناد ولجنة العقلاء، الذي حاول تهدئة
الأضواء وحل الخلاف بطريقة تخدم كل الأطراف، وحسب المعلومات التي أدلى بها
المواطنون، فهؤلاء المعارضون وعدوا 6 أعضاء من أعيان من عرش آث جناد ولجنة
العقلاء بعدم تخريب المسجد مجددا، لكنهم قاموا بفعلتهم وخربوا المسجد في
اليوم الموالي·
أعضاء لجنة القرية يرفضون استقبالنا بعدما علموا أننا قابلنا
أعضاء اللجنة الدينية والمواطنين
تجدر
الإشارة إلى أن لجنة قرية أغريب رفضت استقبالنا، حيث وبعدما تحدثنا مع
والد رئيس لجنة القرية ''عيدر علي'' وسألناه عن مكان وجود أبيه لاستفساره
عن الصراع القائم في القرية، قام ابنه بالاتصال بوالده وأخبره، بأن صحفي
''الجزائر نيوز'' يريد مقابلته، وفي الهاتف سمعنا والده يقول له ''أحضرهم
إليا فأنا انتظرهم في المنزل''، لكن دقيقة بعد ذلك، عندما علم هؤلاء بأننا
تحدثنا مع أعضاء اللجنة الدينية والمواطنين، أعاد محدثنا الاتصال بأبيه
وأخبره بالأمر، وبعدها رفض رئيس لجنة القرية استقبالنا، وحاول أحد أعضاء
اللجنة التحجج بالقول أن ''رئيس اللجنة لا يوجد في المنزل، خرج في مهمة''·
كل الاتهامات موجهة لحزب ''الأرسيدي''
اتهم
أعضاء اللجنة الدينية والمواطنين حزب ''الأرسيدي'' بالوقوف وراء عرقلة
بناء مسجد بقرية أغريب، وكذا وراء أعمال التخريب والهدم وإثارة البلبلة وسط
سكان القرية، واتهموا كذلك هذا الحزب بالعمل على التفرقة بين المواطنين
وإحداث الفتن بين أفراد العائلة الواحدة، حيث قدموا عدة أدلة تثبت تورط
نشطاء من حزب ''الأرسيدي'' في هذه الفتنة على غرار الحصول على شريط فيديو
للسيد ''عيدر أرزقي'' وهو نائب برلماني في حزب الأرسيدي وهو يحرض شباب
القرية على تخريب المسجد ومنع بنائه، وأكدوا أن هؤلاء المخربين والمعارضين
يعقدون اجتماعاتهم بمكتب حزب الأرسيدي بقرية أغريب· واتهموا كذلك رئيس
بلدية أغريب السيد يرمش رابح المنتمي هو الآخر إلى نفس الحزب، وفي هذا
الصدد أكد أعضاء لجنة القرية أن هذا الأخير متواطئ بدرجة كبيرة في القضية،
فهو يرفض استقبال أعضاء اللجنة ولا حتى السماع لانشغالاتهم، وبحسبهم رئيس
البلدية ساهم في إثارة البلبلة والفتنة· هذا، وقد أكد العديد من المواطنين
أن أفراد عائلة سعيد سعدي شاركوا في أعمال تخريب المسجد·
لماذا لم يتدخل سعيد سعدي لحل الصراع؟
هذا
التساؤل طرحه لنا العديد من المواطنين ولم يجدوا له إجابة، حيث انتقدوا
بشدة صمت سعيد سعدي الذي لم يتجرأ على التدخل لحل صراع نشب بين المواطنين
في قريته منذ سنوات، وهذا بالرغم من أنها -شهادات المواطنين- قام شهر أوت
المنصرم بقضاء 15 يوما كاملة في القرية ولم يحاول حل الصراع بالرغم من أن
في ذلك الوقت بلغ الصراع ذروته ''كيف يحاول هذا الرجل السياسي التربع على
عرش الجزائر بأكملها، ويرشح نفسه للرئاسيات، لم يستطع حل مشكل في قريته،
فكيف أن يسير البلاد وأن يحل مشاكل 48 ولاية وأكثر من 35 مليون جزائري وهذا
عيب وعار عليهئوعلى سياسته'' بحسب تعبير أحد أفراد عائلته·
المعارضون يتهمون أعضاء اللجنة الدينية بالتطرف والتشدد
والتعامل مع الإرهاب
هؤلاء
المعارضون رفضوا تقديم تصريحات بعدما علموا أننا من الصحافة، وهذا الأمر
تطلب منا العودة إلى القرية في اليوم الموالي لكن دون تقديم أنفسنا، حيث
قمنا بمقابلة بعض الأطراف وبطريقة غير مباشرة داخل مقهى وحاولنا جس نبض
بعضهم، واكتشفنا خلال كلامهم أن معارضتهم لبناء مسجد بقريتهم تعود بالدرجة
الأولى للتخوفات الناجمة مستقبلا من هذا المسجد، وتبين لنا من خلال
شهاداتهم أن بعض أعضاء اللجنة الدينية متطرفون ومتشددون ويمارسون تجاوزات
خطيرة في القرية ويحاولون تجسيد الإسلام المتطرف والمتشدد في قريتهم، وأخطر
من ذلك اتهموهم بالعمل لصالح الجماعات الإرهابية ''نرفض أن تكون قريتنا
عرضة للتطرف، ولا نقبل ببناء هذا المسجد الذي سيكون في المستقبل مدرسة
لتكوين أطفال سيتحولون إلى إرهابيين'' بحسب تعبير أحد المعارضين في الخمسين
من عمره·
أعضاء لجنة القرية يفندون هذه الاتهامات ويطالبون السلطات
الأمنية بالتحقيق في الأمر
وبعدما
طرحنا هذه الاتهامات على أعضاء اللجنة الدينية، كذبوها وفندوها جملة
وتفصيلا، وأكدوا أنه لا يوجد في القرية ما يسمى بالتطرف ولا التشدد الديني،
ولا تربطهم أية علاقة مع الجماعات الإرهابية، وفي هذا الصدد طالبوا
السلطات الأمنية بالتحقيق في القضية واكتشاف الحقائق·
نطالب عبد العزيز بوتفليقة وبوعبد الله غلام الله بالتدخل لحل
الصراع
وجه
العديد من مواطني قرية أغريب وأغلبهم من فئة المسنين والشيوخ نداء لرئيس
الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة ووزير الشؤون الدينية والأوقاف بوعبد الله
غلام الله وغيرهم من المسؤولين من أجل التدخل لحل هذا الصراع قبل أن يحدث
ما لا يحمد عقباه، قصد إرجاع الوحدة والأخوة بين السكان، وإبعاد كل أنواع
المواجهات والأخطار·
رئيس بلدية أغريب لا يرد على اتصالاتنا··
والبرلماني عيدر أرزقي يرفض التعليق على الموضوع
وقصد
جمع حقائق أكثر حول الصراع القائم بقرية أغريب بين لجنة القرية واللجنة
الدينية حول مشروع بناء مسجد جديد، إتصلنا برئيس بلدية أغريب السيد يرمش
رابح، لمعرفة رأيه حول الموضوع، لاعتباره المسؤول الأول على البلدية، ومن
جهة أخرى كونه طرفا في النزاع، علما أنه متهم من طرف لجنة القرية بتعكير
الأجواء بين المواطنين، الذين يعتبرونه من التيار الذي يعارض بناء المسجد
الجديد، وقد رد على اتصالنا في المرة الأولى بالقول أنه لا يمكنه الحديث
معنا، وتحجج بتواجده في اجتماع، وطلب منا إعادة الاتصال به بعد ساعة، وبعد
حوالي ساعتين، عاودنا الاتصال به عدة مرات لكنه لم يرد علينا· وفي نفس
السياق، إتصلنا بالنائب البرلماني المنتمي للأرسيدي السيد عيدر أرزقي
المتهم من طرف اللجنة الدينية بالوقوف وراء معارضة مشروع بناء المسجد
الجديد بقرية أغريب، وهو متهم كذلك بتحريض شباب القرية على تخريب وهدم
المسجد، لكنه رفض التعليق على الموضوع، وتحجج بأنه مشغول، حاولنا إقناعه
وأخبرناه بأن القضية تخص مسجد أغريب، والأمر يعنيه بالدرجة الأولى، ورغم
إلحاحنا إلا أنه اكتفى بالقول ''ليس لدي أية مشكلة مع مسجد أغريب''، وتجدر
الإشارة إلى أننا طلبنا منه أن نعاود الاتصال به بعدما ينتهي من شغله قصد
معرفة رأيه بالتفصيل لكنه رفض ذلك·
|
الأربعاء، 4 يوليو 2012
''الجزائر نيوز'' تزور قرية سعيد سعدي وتحقق في الصراع القائم بين لجنة القرية واللجنة الدينية: ''الأرسيدي'' وراء فتنة الصراع بقرية أغريب بمنعه لبناء مسجد جديد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق