فقد حجّم الجهاد وقزم من كونه مشروعاً أعظم غاياته إخراج العباد من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده وتمكينهم
في الأرض لتحقيق التوحيد والعبودية لله وحده ..
قال تعالى:
﴿ الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ﴾
[سورة الحج: 41]
قزم الجهاد من هذه الصورة العظيمة ..
فسُلخ أولاً عن لسانه الناطق وخطابه الناضج الأصيل ) الدعوة ( وفُصم عنها .. ولم يعد القائمون عليه يحسبون
حسابها أو يراعون مصالحها ودرء المفاسد عنها فيما يختارونه من أعمال ويرجّحونه من أولويات ..
ثم حجم في القتال النكائي أو أعمال إِنكار المنكر المبعثرة التي لا تحقق أهدافها ولا تدوم ثمرتها ما مورست من غير
تمكين . ثم اختزل بحصره في الأعمال الثأرية وردود الأفعال الانتقامية غير الموزونة ولا المدروسة ..
ثم حُجّم وحُجّم إلى أن بلغ به البعض أن جعلوه ردود أفعال تشنجية يستفزهم ويجرهم إليها أعداؤهم ، فيوجهون
بذلك قتالهم ويستثمرونه فيما شاءوا ..
وصرنا نرى ونسمع كل شابين أو ثلاثة ، يجتمعون دون أدنى خبرة عسكرية أو تجربة تنظيمية ولا علم بالواقع
ولا نظر في الشرع .. ولا مؤهلات تدفعهم لذلك إلا الحماس الأجوف ، تراهم يجتمعون بمجرد أن تقع أيديهم على
سلاح ، فيؤمّرون أحدهم ، غالباً ما تكون مؤهلاته كونه أهوجاً أو كونه كان مبرّزاً عليهم في جاهليتهم قبل تدينهم
وربما كان فيهم من يفضله بالفهم أو العلم ، ينقادون له ويصدرونه لا مؤهل له إلا ذلك الحماس الأجوف ، ثم
يطلقون على تجمعهم المهلهل هذا اسماً ولا بد ، مما يعطيه كياناً وحجماً أكبر من حجمه ، وهو شيء يستفيد منه
ويفرح به أعداء الله .. ثم ينقضون في أقرب فرصة على أول دار للسينما أو كنيسة أو حسينية أو نحوها .. فأي
برنامج هذا ؟ وأي منهج وأي ثمرة يرجونها من ذلك للإسلام في هذا الزمان ؟ وأي مستوى ساذج وعقل سطحي
يدفع إلى هدر أعمار هؤلاء الشباب ويلقيهم بعد ذلك في السجون ليكملوا بقية حياتهم فيها ؟
وهل هذا التفكير والاختيار يتلاءم مع مستوى الحرب العالمية اليوم على الإسلام ؟؟
هذا غير من ينقض منهم على المتبرجات بدعوى إنكار تبرجهن بحرقهن بالمواد الحارقة أو ضربهن .. أو يسلب النساء
المشبوهات بحجة دعم أعمالهم الجهادية المزعومة !! ونحو ذلك من الغرائب والعجائب .. أي مسخ للجهاد هذا ؟؟ بل
أي إزراء له وتحقير ؟ وأي تشويه لجنده وأبطاله الحقيقيين .. ؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق