السبت، 6 أكتوبر 2012

التحول الجنسي بين الطب والدين دكتور / محمد المهدى استشاري الطب النفسى


تحول الشاب "إسلام" في الأيام الأخيرة إلى الفتاة "نور" وثار جدل كبير حول عمليات التحول الجنسي والتي ازدادت أعدادها في الداخل والخارج , وهل هي حالات طبية يقدرها المتخصصون في الطب , أم أن للمجتمع فيها رأي ممثلا في علماء الدين والإجتماع والقانون ؟ .. فالأطباء يحاولون عزلها عن هذه الدوائر بينما يرى قطاع كبير من الناس أن تحويل الجنس بعملية جراحية أمر يختلف تماما عن عملية الزائدة الدودية أو البواسير حيث يترتب عليها حقوقا وواجبات وتغيرات في التركيبة الجسدية والنفسية وما يتبعهما من تغير في الدور الإجتماعي وتأثيرات على الأسرة والمجتمع المحيط . لذلك دعونا ندخل هذه المنطقة الملتبسة لنرى تفاصيل واقعها , وأستأذنكم أن أبدأ الدخول بهذه الحالة الواقعية التالية (مع كامل الحرص على سرية التفاصيل) :
هالني منظرها وهي تدخل غرفة الكشف، فهي أنثى تتمتع بجمال صارخ، ومع هذا تلبس زيا أقرب إلى زى الرجال وتتحدث بطريقة ذكورية تتناقض تماما مع تكوينها الجسدي، ولم تترك لي فرصة للحيرة أو السؤال حيث جلست ووضعت ساقا فوق ساق وأشعلت سيجارة دون استئذان وقالت بنبرة واثقة ومحددة ومؤكدة: "لم آت هنا للعلاج فأنا لست مريضة نفسية، فقط أريد شهادة لطبيبي الجراح لكي يجري لي عملية تحول من أنثى لذكر، فأنا أكره جسدي وأشمئز منه وأتمنى الخلاص منه، وليس أمامي حل إلا العملية الجراحية، ولا تحاول أن تضيع وقتي في حوارات لن تجدي معي، فقد عانيت كثيرا منذ بدأت أعي وأتعذب كل لحظة حين يعاملونني كفتاة فهذا هو أكثر شيء أمقته على الرغم من أن كل الناس يحسدونني على جمالي وأنوثتي، ولكنني أشعر بالتقزز من هذه الأشياء".
ذلك نموذج لحالة أصبحنا نراها بشكل أكثر تواترا في السنوات الأخيرة منذ أن فتح الإنترنت شهية الكثيرين من أصحاب هذه المشكلات للتعبير الصريح والبحث عن مخرج طبي لمشكلات كانت تختبئ تحت السطح، وقد زاد من أعدادهم أو أعدادهن ما حدث من تحول طالب الطب "سيد" إلى "سالي" في مصر عام 1987 واستضافتها حديثا في أكثر من قناة فضائية بعد أن رفعت دعوى على الجامعة التي فصلتها (أو فصلته) للمطالبة بتعويض قيمته 20 مليون جنيه، ثم عرض مسلسل "صرخة أنثى" والذي يناقش بشكل درامي جذاب تلك المشكلة . والمتغير الهام في هذا الموضوع هو لجوء أعداد ليست بالقليلة من هذه الحالات إلى إجراء عمليات التحول الجنسي في بعض الدول الأوروبية التي يسمح القانون فيها بذلك، وقد تم زفاف أحد العرب المتحولين إلى امرأة في أحد فنادق القاهرة منذ فترة قصيرة.
وهذه الحالات تثير الكثير من الجدل فبعض الأطباء يرى أن هؤلاء المرضى (المصنفين في المراجع الطبية تحت عنوان اضطراب الهوية الجنسية) يعانون معاناة شديدة ويحتاجون فعلا إلى حل ولا يوجد حتى الآن دوءا يساعدهم على قبول جنسهم، وبعضهم يرى أن عمليات التحول ليست هي الحل خاصة من يعرفون تداعياتها وتأثيراتها من الناحية الطبية والنفسية والاجتماعية، إضافة إلى أن التشريعات والقوانين في الدول العربية والإسلامية والفتاوى الدينية تمنع إجراء عملية التحول الجنسي أو على الأقل تصعبها . وأصحاب المشكلة ينقسمون إلى قسمين: قسم غني يحقق مطلبه في الخارج بإجراء العملية هناك (خاصة في دول أوروبا الشرقية) ثم يأتي إلى بلده ويضع الجميع أمام الأمر الواقع ويتزوج ويحرص على إعلان زواجه بشكل صارخ، وقسم آخر فقير يستسلم لظروفه أو يحاول طرق أبواب العلاج لدى التخصصات الطبية المتاحة له، أو يتمرد ويعيش كما يحلو له. وعلى الرغم من الصعوبات القانونية فإن عدد من الأطباء في مصر والدول العربية يقومون بإجراء عمليات التحول الجنسي سرا .
ومن المعروف أن أكثر طالبي التحول الجنسي هم من الرجال بنسبة تصل إلى ثلاثة أضعاف من يطلبون التحول من النساء، والسبب في ذلك هو أن الجنين في الأصل يكون أنثى ثم يحدث التغير في الرحم بسبب التعرض لهرمونات الذكورة في مرحلة من مراحل النمو.
والهوية الجنسية في الإنسان تتحدد بعدة عوامل هي:
1- التركيبة الكروموسومية (Chromosomal Sex): الذكر64 Xy والأنثى 64XX ، فإذا حدث خلل في هذه التركيبة ينشا علي أثره خلل في التركيبة الجسدية والهرمونية. فالجنين يكون تركيبته أنثوية في الأساس –كما ذكرنا-، ولكن وجود الجينات الذكرية يؤدي إلي إفراز هرمونات ذكرية، ويؤدي إلي زيادة حساسية المستقبلات لتلك الهرمونات في المخ وفي بقية الأنسجة.
2- الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات (Gonadal Sex): الخصيتين والمبايض والغدة فوق الكلوية. وهناك دراسات تفترض بأن تعرض مخ الجنين لمستويات معينة من الهرمونات سواء الموجودة في دم الأم أو التي تفرزها غدده الصماء يؤثر في تحديد هويته الجنسية وميوله.
3- شكل الجسد (Body Sex) : فالذكر له تركيبة جسدية تختلف عن الأنثى وذلك من حيث الجهاز العظمي والجهاز العضلي وتوزيع الدهون والشعر في المناطق المختلفة من الجسم.

4- الأعضاء الجنسية (Organ Sex): فالذكر يتميز بوجود القضيب والخصيتين، والأنثى تعرف بفتحة المهبل والتي يحوطها الشفران الصغيران والكبيران، والمهبل يؤدي إلى الرحم.

5
- التكوين النفسي (Psychological Sex): وهو ينشأ عن التربية وتدعيم البيئة المحيطة بالطفل للهوية الجنسية سواء كانت ذكرية أو أنثوية، فمثلا بعض الأسر التي تفضل الذكور أو ترغب في مولود ذكر قد تنمي الصفات الذكرية في أحد بناتها وقد تلبسها ملابس ذكور وتقص شعرها كما الأولاد وربما تناديها باسم ذكوري، فتنشأ هذه البنت ولديها ميول ذكورية وتتشكل أدوارها الاجتماعية علي هذا الأساس. كما أن التكوين النفسي والجنسي يتأثر بالعلاقة بالأبوين فقد يكره الطفل أحد الأبوين ويتوحد بالآخر فتتشكل هويته الجنسية تبعا لذلك.


إذن فتفاع
ل هذه العوامل مع بعضها هو الذي يعطى الهوية الجنسية، وفى الغالبية العظمى للناس تتضافر هذه العوامل في اتجاه مشترك لتعطى الهوية الجنسية المحددة (ذكرا أو أنثى)، ولكن في بعض الحالات قد تتنافر هذه العوامل أو تتصارع فتؤدى إلى حالة من الانشقاق بين الجسد والنفس فقد يكون الجسد جسد أنثى ولكن التركيبة النفسية تنتمي لعالم الذكورة وهنا يحدث ما نطلق عليه حالات اضطراب الهوية الجنسية، وأشهرها وأكثرها إثارة للجدل حالة التخنث (Transsexualism) ، وفيها يكون الجسد مكتمل الأنوثة مثلا من الناحية التركيبية ولكن المشاعر تنتمي لعالم الذكور (أو العكس حيث يكون الجسد متصفا بكل مواصفات الذكورة ولكن التكوين النفسي أنثويا).
ومعدل وجود اضطرابات الهوية الجنسية تكون أكثر لدي الذكور –كما ذكرنا- حيث تبلغ النسبة واحد في كل ثلاثين ألفا مقارنة بالإناث حيث تبلغ النسبة لديهن واحد لكل مائة ألفا. وهناك حالة يحدث معها لبس، ولذلك يجب استبعادها مبكرا، وهى حالة الخنثى (Intersex) وهى أن المولود تكون أعضاءه التناسلية مختلطة، بمعنى أن فيها بعض معالم الذكورة وبها أيضا بعض معالم الأنوثة، وهنا يقوم الجراح بفحص الحالة وتحويلها إلى الجنس الأكثر ظهورا من الناحية التشريحية وليس في ذلك مشكلة طبية أو شرعية خاصة إذا تمت تلك العملية في سن مبكر قبل أن يتحدد الدور الاجتماعي ويتأكد. أما حالات التخنث فهي تشكل أزمة لصاحبها أو صاحبته، حيث يكون مطلبهم الوحيد هو إجراء جراحة التحول الجنسي على أمل أن يعيشوا الدور الجنسي الذي يرتاحون إليه، وذلك لأنهم يكرهون أجسادهم التي تتنافر مع هويتهم الجنسية النفسية وتتولد لديهم حالة يطلق عليها "عسر المزاج الناتج عن اضطراب الهوية الجنسية"، وهذه الحالة تتلخص في نوع من الرفض للجنس الذي ينتمي إليه الجسد إضافة للضيق والنفور من الدور الجنسي الذي يفرضه المجتمع عليهم والرغبة الملحة في التحول للجنس الآخر.
وفى الدول العربية والإسلامية غير مسموح على المستوى الطبي وأيضا على المستوى الديني إجراء عمليات تغيير الجنس نظرا لتعارض ذلك مع لوائح النقابات الطبية وفتاوى غالبية علماء الدين ، ونظرا لما تحمله تلك العمليات من مشكلات هائلة على المستوى الفردي والاجتماعي قد لا يقدرها الأشخاص المصابون بالتخنث في غمرة حماسهم لإجراء عمليات التحول، فقد ثبت من دراسات عديدة أن إجراء عمليات التحول لا ينهى المشكلة بل يظل الشخص في دوامة من المتاعب النفسية والاجتماعية حتى في المجتمعات التي تقبل إجراء مثل هذه العمليات، هذا فضلا عن التشويه الجراحي البالغ في الأجهزة التناسلية وفي الجسد عموما والذي يجعل الشخص غير قادر على الحياة الطبيعية التي يتمناها، ولهذا تكثر نسب الاضطرابات النفسية والانتحار في الأشخاص الذين أجريت لهم عمليات التحول الجنسي. فعملية التحول الجنسي مثلا من أنثى إلى ذكر تتطلب إزالة الرحم والمهبل، وإزالة الثديين وتركيب ما يشبه العضو الذكرى الصناعي الذي ينتصب بمنفاخ أو ببطارية تزرع في أعلى الفخذ ، وتناول هرمونات ذكرية لتغيير شكل الجسم والعضلات ولتغيير نغمة الصوت، وهى أشياء وتغييرات جذرية في تركيب الجسد لا يمكن استدراكها أو استعادتها بعد ذلك، كما أن ذلك لا يمكن الفتاة المتحولة إلى ذكر من أن تمارس الدور الجنسي الطبيعي للذكر.
وفى الدول الغربية التي تسمح قوانينها بإجراء مثل هذه العمليات هناك احتياطات لابد وأن تسبق هذه العملية منها أن الجراح يقوم بفحص الحالة جيدا ليتأكد من التركيبة التشريحية ومن النشاط الهرموني، ثم بعد ذلك يضع الاحتمالات أمام المريض (أو المريضة) فإذا أصر الأخير على إجراء عملية التحول فإن الطبيب الجراح لابد وأن يحوله لطبيب نفسي ليظل تحت التقييم والعلاج معه لمدة عام، وذلك لاستبعاد أن تكون الرغبة في التحول لها علاقة بأي اضطرابات نفسية (ضلالات أو هلاوس أو وساوس) , أو مشكلات في العلاقات الاجتماعية أو تكون مجرد رغبة عابرة ربما تتغير مع الوقت , أو تكون حبا في الشهرة ولفت الأنظار . فإذا أصر الشخص بعد هذه الفترة على رغبته في التحول فإنه يعطى هرمونات لتغير شكل الجسم إلى الجنس الذي يرغبه، ويطلب منه أن يعيش في المجتمع لمدة عام بالهوية الجنسية التي يرغبها، فإذا نجح في ذلك ورأى أنه متوافق بهذه الهوية الجديدة يبدأ الجراح في ترتيبات إجراء العملية الجراحية بعد أن يشرح للمريض بالتفصيل عوامل النجاح والفشل في تلك العمليات حيث أنها عمليات صعبة ولها تداعياتها الكثيرة –كما ذكرنا آنفا- ونتائجها محل شك كبير، على الأقل من حيث أنها لا تستطيع أن تمنح الشخص المتحول أجهزة تناسلية تعطيه الفرصة في الحياة الطبيعية، فالفتاة المتحولة إلى ذكر لن تستطيع ممارسة الجنس بشكل طبيعي، والفتى المتحول لأنثى لن يكون له رحم لكي يحمل ويلد وإنما يتم عمل قناة مثل المهبل تسمح بالعلاقة الجنسية بشكل آلي غير مكتمل، وكثير منهن لا يستطعن الاستمتاع بالعلاقة الجنسية نظرا لغياب الأعصاب الجنسية الطبيعية، وهذه القناة لها مشاكل كثيرة مثل الجفاف وانتشار الأمراض الجرثومية بها وضيقها أو اتساعها. كما أن العلاج بالهرمونات له مخاطره من حيث زيادة نسبة حدوث الجلطات وزيادة نسبة الدهون في الدم، وزيادة فرص الإصابة بالسرطان. كل هذا علاوة على احتمالات الفشل في تبني الدور الجديد في المجتمع، خاصة في المجتمعات التي ترفض هذا الأمر وتستهجنه. باختصار فإن عملية التحول الجنسي تمثل انتهاكا شديدا للجسد وتغييرا في تركيبته.
ولا يوجد في الوقت الحالي علاجات دوائية أو نفسية يصفها الطبيب لحالات اضطراب الهوية الجنسية فتشفى وتكف عن طلب التحول، ولكن العلاج يمكن أن يساعد الشخص في مواجهة مشكلاته النفسية والاجتماعية وأن يحاول التكيف مع ظروفه، ويمارس نشاطات حياتية شبه طبيعية حتى لا يظل أسيرا لكراهية جنسه ولرغبته الملحة في التحول.
والأشخاص الراغبين في التحول الجنسي يكرهون إحالتهم للطبيب النفسي وذلك لاعتبارهم أنفسهم بأنهم ليسوا مرضى نفسيين، وأيضا لأنهم يخشون أن يحاول الطبيب النفسي إقناعهم بقبول الدور الجنسي المتفق مع تركيبتهم الجسدية وهذا ما يرفضونه بشدة، فهم لا يرغبون إلا في إجراء العملية الجراحية وفورا بدون تأخير.
معدلات الإنتحار في مرضى اضطراب الهوية الجنسية :
تشير بعض الإحصاءات إلى أن نسبة الإنتحار في هؤلاء المرضى تبلغ 4% (نسبة الإنتحار في عموم الناس حوالي 12 حالة في كل مائة ألف) , وفي دراسات أخرى وجد أن النسبة 5% في النساء الراغبات في التحول لرجال و 21% في الرجال الراغبين في التحول إلى نساء .
أما المواقع الخاصة بمضطربي الهوية الجنسية فإنها تذكر أن معدلات الإنتحار لديهم تصل إلى 31% , وأن محاولات الإنتحار التي لا تكتمل بالموت تصل إلى 50% , وهم يحاولون بذلك أن يحصلوا من المجتمعات على حق التحول الجنسي بواسطة الجراحة تجنبا لهذه النسب الإنتحارية العالية .
وعلى الرغم من اختلاف نسب الإنتحار في الدراسات المختلفة إلا أنه من المعروف والثابت أن هؤلاء المرضى لديهم معدلات عالية من القلق والإكتئاب وتعاطي المخدرات .
وتشير بعض الدراسات أن معدلات الإنتحار تقل بعد إجراء عمليات التحول , ولكن دراسات أخرى تقول بأن خطر الإنتحار يظل مهددا لهؤلاء المرضى بسبب اضطراب توافقهم مع المجتمع حتى بعد إجراء العملية , وهذا يشير إلى حاجتهم إلى العلاج الشامل والرعاية الشاملة وليس فقط إلى عملية جراحية .
هذا عن الرؤية الطبية فماذا عن الرأي الشرعي؟
سئل فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي في برنامج الشريعة والحياة والذي قدمته قناة الجزيرة الفضائية يوم الأحد الموافق 31 مايو 1998 عن رأي الدين في عملية التحول الجنسي فقال:
في مثل هذه الأمور في الحقيقة، تحويل الذكر المكتمل الذكورة ظاهرا أو باطنا إلى أنثى أو العكس، هذه جريمة وهي من تغيير
خلق الله عز وجل، واستجابة للشيطان الذي قال (ولآمرنهم فليغيرن خلق الله)، فإبليس أغرى الناس بتغيير خلق الله، فهذا من تغيير خلق الله، ومنذ سنوات ما حدث في جامعة الأزهر، هذا الطالب الذي كان في كلية الطب "سيد" ثم حولوه إلى "سالي"، فهذه قضية غريبة. وهنا الشخص الذي تجرى له عملية التحول لا يستطيع أن يمارس الحياة الزوجية. وحين رد مقدم البرنامج على فضيلة الشيخ القرضاوي بأن الأطباء يجرون عملية التحول الجنسي لكي يطابقوا بين جسد المريض وإحساسه، رد فضيلته بقوله:
"الإحساس ليس كل شيء، فيجب أن نحاول معالجة هذا الإحساس نفسياً مع أساتذة متخصصين، نهيئ له بيئة تساعده على هذا، أما كل من أحس بشيء نستجيب له، فأنا جاءتني إحدى النساء وهي من أسرة كبيرة وقالت أنا عندي إحساس بأني رجل، وسألتها بصراحة عن أعضائها الأنثوية، فقالت أنها كاملة تماماً، ولكنها قالت إني لا أشعر بالأنوثة وكأني ولدت كذلك لأني من صغري وأنا أحس بهذا، وأن بعض الأطباء قال أننا ممكن أن نحولك إلى رجل، فقلت لها هذا لا يجوز، فأنت أنثى مكتملة لا يجوز أن تتحولي إلى رجل، هذا لا يحل مشكلتك أيضاً، فلن تستطيعي أن تتزوجي ولا أن تنجبي أو تمارسي حياة، فالحقيقة هذا تغيير لخلق الله وهو من الكبائر ليس من مجرد المحرمات، ولا يجوز لطبيب خصوصاً لطبيب مسلم أن يمارس مثل هذا".
وهناك رأي آخر مخالف أعلنه سماحة الشيخ فيصل مولوي (منشور في موقعه على الإنترنت) وهو من علماء الإسلام المرموقين في لبنان والعالم نورده فيما يلي :
"تبيّن لنا أنّ مرض (الترانسكس) أو التحوّل الجنسي، هو انفصام حاد بين النفس والجسد. فيكون الذكر كامل الذكورة من حيث الأعضاء الظاهرة لكن إحساسه النفسي مناقض لذلك تماماً، فهو يحسّ أنّه أنثى. كما تكون الأنثى كاملة الأنوثة من حيث الأعضاء الظاهرة، لكنّها تشعر أنّها ذكر. فإذا تعذّر عن طريق المعالجة النفسيّة، إنهاء هذا الانفصام، لم يعد أمامنا إلاّ إجراء عمليّة (التحوّل الجنسي)، وذلك بهدف إعادة التكيّف بين النفس والجسد، وهو أساس الصحّة النفسيّة والجسديّة عند الأطبّاء والعلماء. والذي أميل إليه في ظلّ هذه الظّروف إباحة هذا النّوع من العمليّات الجراحيّة للأسباب التالية: أولاً: أنّه ثبت برأي جمهور الأطبّاء وجود حالة مرضيّة عند بعض الناس سمّوها (الترانسكس) وهي انفصام حادّ في الحالة الجنسيّة بحيث تكون مظاهر الجسد باتّجاه جنس معيّن، بينما تكون مشاعر النفس بالاتّجاه الجنسي المعاكس. وأنّ هذه الحالة المرضيّة قد تشتدّ بحيث تصبح حياة صاحبها جحيماً وقد يفكّر بالانتحار. وأنّه قد تفشل كلّ وسائل العلاج النفسي، ولا يبقى أمام الطبيب إلاّ إجراء جراحة التحوّل الجنسي. هذا هو الواقع الذي نريد – بالفتوى المطلوبة – أن نعطيه الحكم الشرعي المناسب. ثانياً: في مثل هذه الحالة تتحقّق شروط الضرورة الشرعيّة التي تبيح المحظور بإجماع العلماء. إذ الخلاف بينهم محصور في تشخيص حالة الضرورة أو عدمها. أمّا إذا اتّفقوا على وجودها، فهم حتماً متّفقون على أنّها تبيح المحظور. أمّا أنّ الضرورة متحقّقة في هذه الحالة، فلأنّ المحافظة على الحياة تعتبر من الضرورات الشرعيّة الخمسة بلا جدال. والحياة التي يقتضي المحافظة عليها هي الحياة الطبيعيّة التي لا يستبدّ بها المرض بحيث يحرمها السعادة ويمنعها من المتاع المباح. من أجل ذلك أباح العلماء التداوي بالمحرّم عند وجود الضرورة. وإذا كانت جراحة التحوّل الجنسي محرّمة من حيث الأصل – حسب رأي جمهور الفقهاء المعاصرين – فإنّها تباح لوجود هذه الضرورة. ثالثاً: وسبب تحريم (جراحة التحوّل الجنسي) أمران: الأوّل: أنّها تغيير لخلق الله، والله تعالى يقول عن الشيطان أنّه قال: (ولآمرنّهم فليغيّرُنّ خلق الله) سورة النساء الآية 119. وقد نصّ بعض المفسّرين صراحة ومنهم ابن عبّاس وأنس وعكرمة وأبو صالح، على أنّ معنى التغيير هو الخصاء وفقء الأعين وقطع الآذان. نقل ذلك القرطبي في (أحكام القرآن) وقال: (لم يختلفوا أنّ خصاء بني آدم لا يحلّ ولا يجوز، لأنّه مثلة وتغيير لخلق الله) وكذلك (من خلق بإصبع زائدة أو عضو زائد، لا يجوز له قطعه ولا نزعه، لأنّه من تغيير خلق الله تعالى إلاّ أن تكون هذه الزوائد تؤلمه فلا بأس بنزعها عند جعفر وغيره). وهذا كلام صريح واضح أنّ الزوائد على جسم الإنسان إذا سبّبت له ألماً يجوز نزعها، لأنّها عند ذلك تعتبر من قبيل التداوي، وهو جائز ولو كان فيه تغييراً لخلق الله، لأنّ التغيير المنهي عنه، هو ما كان لأجل التغيير أو لأجل التجمّل، أمّا إذا كان ضروريّاً من باب التداوي فهو جائز جمعاً بين الدليلين: دليل تحريم تغيير خلق الله، ودليل وجوب التداوي على المريض. وفي حالة مرضى التحوّل الجنسي يمكن القول أنّ الأعضاء الجنسيّة الظاهرة هي أعضاء زائدة، لأنّها لا تتناسق مع مشاعر الجنس النفسيّة المعاكسة، وبالتالي فإنّ تحويلها إلى أعضاء جنسيّة متوافقة مع الحالة النفسيّة هو معالجة للألم الموجود والذي ليس له علاج آخر. على أنّ القرطبي نفسه ذكر عن ابن عباس أنّ (تغيير خلق الله) المقصود في الآية هو تغيير دينه، وهو قول النخعي والطبري، كما قال مجاهد والضحّاك وسعيد بن جبير وقتادة أنّ المراد بتغيير خلق الله، تغيير الغاية التي أرادها الله من الخلق، فقد خلق الله الشمس والقمر والأحجار والنار لينتفع بها، فغيّر ذلك الكفّار وجعلوها آلهة معبودة. وبذلك يتبيّن لنا أنّ مسألة (تغيير خلق الله) إذا كانت سبباً لتحريم جراحة التحوّل الجنسي عند كثير من العلماء، فهي لا تصلح سبباً للتحريم في مثل حالة الضرورة المذكورة آنفاً. الثاني: أنّها نوع من التشبّه بالجنس الآخر، وقد (لعن رسول الله (صلَى الله عليه وسلَم) المتشبّهين من الرجال بالنساء، والمتشبّهات من النساء بالرجال) رواه البخاري. قال العلماء (ظاهر اللفظ النهي عن التشبّه في كلّ شيء، لكن عرف من الأدلّة الأخرى أنّ المراد التشبّه في اللباس والزينة والكلام والمشي). ومع ذلك يقول النووي: (إنّ المخنّث الخلقي لا يتّجه عليه اللوم) ويعقّب ابن حجر على ذلك بأنّه (محمول على إذا لم يقدر على ترك التثنّي والتكسّر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة) (راجع فتح الباري). ومن الواضح أنّنا أمام قضيّة مختلفة: فلسنا أمام رجل يتشبّه بالنساء في ظاهره، لكنّنا أمام إنسان يشعر أنّه إمرأة شعوراً يغلب كلّ مشاعره وأعماله، بينما له جسد رجل، وهو يتألم من ذلك ويسعى للخلاص من هذه الإزدواجيّة والانفصام، وحين يجري عمليّة التحوّل الجنسي يشعر أنّه عاد لطبيعته الحقيقيّة، فلا يعود للتشبّه. والمطلوب بالنسبة للمخنّث المعالجة كما يقول النووي. وإذا لم تنفع المعالجة النفسيّة، وظهرت الحاجة إلى جراحة تعيد المخنّث إلى جنسه الطبيعي، فالظاهر من كلام الإمام النووي أنّ ذلك جائز. فالتحوّل الجنسي على الأرجح لا يدخل إذاً تحت مسألة التشبّه، التي حصرها العلماء (باللباس والزينة والكلام والمشي). الضوابط الشرعيّة لهذه الإباحة وليس معنى ذلك أنّي أقول بإباحة عمليّات التحوّل الجنسي باطلاق. معاذ الله، فإنّها لا تخلو من تغيير لخلق الله، لكنّها تباح ضمن الضوابط التالية: 1- أن يبذل المريض نفسه جهداً كبيراً للتكيّف مع حالته الجسديّة، فربّما كانت أحاسيسه أوهاماً لا أصل لها. وربّما استطاع بمساعدة طبيبه ومن يحيط به أن يكتشف نفسه من جديد، أو أن يجعلها تقتنع بقدر الله، فينتهي عنده هذا الشعور بالانفصام بين أحاسيس النفس ومظاهر الجسد. 2- أن يسعى الطبيب المعالج من خلال استعمال كلّ وسائل الطبّ النفسي الحديثة إلى معالجته كمريض نفسي، وأن يستمرّ على ذلك مدّة طويلة – لا تقلّ عن سنتين – وإذا لم يفلح بعدها في العلاج، وظلّ المريض يشكو من حالة الانفصام، وطلب إجراء هذه العمليّة الجراحيّة، فإنّ شروط الضرورة تكون قد تحقّقت، والضرورات تبيح المحظورات. ولا يعود الأمر تغييراً لخلق الله، بل هو تغيير لحالة مرضيّة حتّى يكون هذا الإنسان المخلوق أكثر قدرة على القيام بمسؤوليّاته التي خلق من أجلها. وينتفي هنا موضوع التشبّه، لأنّ المريض يعود إلى جنسه الطبيعي الغالب، والجنس كما هو معلوم ليس مجرّد أعضاء جنسيّة ظاهرة، بل هو أيضاً مشاعر نفسيّة. والأعضاء الجنسيّة الظاهرة هي علامة على جنس معيّن، أمّا حقيقة الجنس فهي أعمق من ذلك بكثير ولها تأثير على المشاعر النفسيّة والتصرّفات السلوكيّة لا ينكره أحد. فإذا تعارض الأمران فلا بدّ من تغليب أحدهما على الآخر حتّى يتوافق الجسد مع النفس. وإذا تبيّن أنّ تغيير المشاعر النفسيّة غير ممكن بعد معالجة سنتين، لم يبق أمامنا إلاّ تغيير معالم الجسد الجنسيّة حتّى نصل إلى التوافق، ويعود الانسان عنصراً إيجابيّاً في المجتمع. الجواب على التساؤلات. وأخيراً فإنّي ألخّص الجواب بما يلي: 1- المرأة المتحوّلة إلى رجل تخضع لجميع الأحكام الشرعيّة الخاصّة بالرجل. والرجل المتحوّل إلى امرأة يخضع لجميع الأحكام الشرعيّة الخاصّة بالمرأة. 2- إذا وجدت شروط الضرورة المشار إليها، أرجو أن يكون التحوّل إلى الجنس الآخر مباحاً، وأن يغفر الله تعالى للمتحوّلين لأنّهم مرضى، ولم يستطيعوا معالجة المرض إلاّ بهذا الأسلوب. وفي هذه الحالة لا ينطبق عليهم صفة المتشبّه بالجنس الآخر، ولا صفة التغيير لخلق الله. 3- من الطبيعي أن يختلف العلماء حول الحكم الشرعي لهذه المسألة، ومن حقّك – في هذه المسألة وفي غيرها – أن تأخذ بفتوى أيّ من العلماء الثقات الذين تطمئنّ إلى علمهم، إذا لم تكن عندك القدرة على فحص الأدلّة واختيار الأقوى منها" (انتهى كلام فضيلة الشيخ فيصل مولوي) .
والمشكلة هي أن كثير من علماء الدين لا يعرفون على وجه التحديد طبيعة مرض اضطراب الهوية الجنسية , وأحيانا يخلطون بينه وبين الجنسية المثلية أو انحراف السلوك الجنسي والأخلاقي عموما , وهذه مسئولية الأطباء النفسيين لكي يوضحوا لهم طبيعة هذا المرض وتداعياته حتى تكون الفتوى الصادرة عنهم على بينة . وقد اتضح هذا في فتوى فضيلة الشيخ فيصل مولوي فهو قد قرأ وسمع وعرف الكثير عن المرض , ولذلك جاءت فتواه محددة ومقدرة لصعوبة معاناة المرضى ومتوافقة أيضا مع ثوابت الدين .
الموقف القانوني :

حسب علمي فإنه لا يوجد قانون صريح (في مصر وفي غالبية الدول العربية )يبيح أو يجرم عملية التحول الجنسي – ربما على اعتبار أنها عملية تخضع للتقدير الطبي وبالتالي تحال مسؤليتها إلى نقابة الأطباء ووزراة الصحة , وقد أثارت قصة طالب طب الأزهر سيد محمد عبدالله (وهو الآن قد تحول لسالي) ضجة كبرى, وقد قام الدكتور أحمد محمود سعد الاستاذ بالقانون المدني في جامعة القاهرة ، فرع بني سويف ، بوضع كتاب حافل في 800 صفحة حول هذه القضية بعنوان "تغيير الجنس بين الحظر والاباحة" , وذكر فيه تفاصيل وقائع هذه الحادثة ، حيث أن الطالب سيد محمد عبدالله مرسي ( في السنة الخامسة كلية طب أزهر بنين ) أجرى عملية جراحية لتغيير جنسه وازالة مظاهر الذكورة في مستشفى الزمالك بتاريخ 29/1/1988 . وقد قام بالجراحة المذكورة الاستاذ الدكتور عزت عشم الله مستشار جراحة التجميل وكان الدكتور رمزي هو الذي قام بالتخدير في هذه العملية التي تكللت بالنجاح . وقد قام المستشفى باصدار شهادات بذلك للطالب المذكور وأنه سدَّد الرسوم المقرره ودفع جميع اتعاب العملية نقدا
وقد قامت نقابة الأطباء بالجيزة بمصر ، باستدعاء الطالب المذكور والجراح والطبيب المخدر ، وقامت بمناقشتهم ومعرفة التفاصيل ، مع دراسة حالة الطالب النفسية ، وفحصه بدنيا ونفسيا من قبل المختصين . وقد اصدرت النقابة قرارا تأديبيا بتاريخ 8/11/1988 بمعاقبة الطبيب الجراح بشطب اسمه من سجل الاطباء واسقاط عضويته من النقابة ومنعه من مزاولة المهنة في أي صورة . وعوقب الثاني ( طبيب التخدير ) بنفس العقوبة . وقد أعتبر المجلس ان هذه العملية تشكل اعتداءا على القيم والأخلاق ولم يكن لها أي مبرر طبي
وقبل ذلك رفعت النقابة القضية الى دار الافتاء بوزارة العدل بمصر لمعرفة الرأي الديني بالخطاب رقم 483 في 14/5/1988 مستفسرة عن رأي الدين في موضوع طالب الطب بجامعة الأزهر الذي اجريت له عملية جراحية واستئصال أعضاء الذكورة لتحويله الى فتاة , والمقيد برقم 168 لسنة 1988 وقد جاء رد دار الافتاء المصرية بمقدمات فيها ذم تشبه الرجال بالنساء والنساء بالرجال وفيها" : "ولاتجوز هذه الجراحة لمجرد الرغبة في التغيير دون دواع جسدية صريحة غالبة ، والا دخل في حكم الحديث الشريف الذي رواه البخاري عن أنس قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء . وقال : أخرجوهم من بيوتهم ، فأخرج النبي صلى الله علية وسلم فلانا ، وأخرج عمر فلانا ". رواه احمد والبخاري ...
ولا يجوز مثل هذا الاجراء ( الجراحي ) لمجرد الرغبة في تغيير نوع الانسان من امرأة الى رجل أو من رجل الى امرأة.."
وقد اعتمدت النقابة والفتوى على تقارير طبية عديدة منها تقرير طبي مؤرخ في 31/10/1987 عن الاستاذ الدكتور عبدالهادي عمر والاستاذ الدكتور رفعت المازن ، وذلك بناء على تكليفهما من قبل الاستاذ الدكتور عميد كلية الطب بكلية الأزهر) بنين ) بفحص الطالب وذلك قبل اقدامه على اجراء العملية التحويلية المذكورة . وقد جاء في التقرير ما يلي : بالكشف على الطالب المذكور وجد أنه عنده ميول أنثوية سيكلوجيه ( نفسية ) الا أنه من الناحية العضوية فإنه يتمتع بكل صفات وعلامات الذكورة ، كما أن صوته كامل الخشونة والرجولة ، الا أنه بالنسبة لتناوله الهرمونات الانثوية منذ 2-3 سنوات ، ولا يزال يأخذها فقد تضخم ثدياه على الناحيتين . وأنه بالنظر لميوله الأنثوية السيكلوجية فقد كان يرتدي ملابس الفتيات ويطيل شعره
.وقد قرر الطبيبان الاستشاريان أن لامكان للعلاج الجراحي وتحويل الجنس وان العلاج ينبغي ان يكون نفسيا . وخاصة ان جميع الفحوصات الاكلينكية والمخبرية والموجات الصوتية تؤكد على أنه من الناحية البيولوجية ذكر كامل الذكورة.
ورغم ذلك كله فقد أصر الطالب على اجراء العملية التي قام بها الطبيب الجراح الاستاذ الدكتور عزت عشم الله في 29/1/1988 ، والتي لم يكن لها ما يبررها من الناحية الجسدية . وقد أخذ الدكتور عزت وغيره بما هو مقرر في الطب الغربي من أن الرغبة النفسية اذا كانت قوية ومستمرة ( على الأقل سنتين ) فانها تؤخذ في الاعتبار ، وعليه يتم تغيير جنس هذا الشخص حسب رغبته المستمرة والقوية وهي كافية في وجهة نظره باجراء مثل هذه العملية التي تحول الرجل الى شكل امرأة وتحول المرأة الى شكل رجل (نقلا عن موقع أصحاب كوول الإلكتروني) .
ومن وقتها وربما من قبلها فإنه يتحتم أن تمر مثل هذه الحالات الراغبة في التحول على النقابة بحيث تجري تقييما طبيا شاملا لها وتتأكد من ان المريض يعاني من مرض اضطراب الهوية الجنسية وتجري فحوصات جينية وهورمونية عليه وتحيله إلى العلاج النفسي لمدة عامين , مع العلاج الهورموني المصاحب (بقرار متخصص في الغدد الصماء) ثم تتخذ القرار اللازم بعد ذلك . والنقابة تفعل ذلك للحيلولة دون استغلال هؤلاء المرضى أو اندفاعهم نحو عمليات خطيرة دون ضمانات كافية تحفظ لهم سلامتهم وحقوقهم , إذ ليس من المنطقي تغيير جنس كل من يرغب في ذلك .
الحل :

إذن فما زلنا أمام مشكلة تحتاج من الأطباء إلى مزيد من الجهد وتحتاج من المجتمع إلى مزيد من الوعي وتحتاج من المصابين بها إلى مزيد من الصبر والبصيرة حتى لا يكون الخروج منها وقوعا في مشكلات أكثر تعقيدا. وإذا كانت العلاجات الدوائية والنفسية في الوقت الحالي قاصرة في مساعدة هؤلاء المرضى فإنه يتحتم إجراء مزيد من الدراسات والأبحاث لتطويرها وتحسينها , أما بخصوص جراحات التحول الجنسي فإنها يجب أن تحاط بالضمانات الكافية حتى لا يساء استخدامها بواسطة المرضى أو بواسطة بعض الأطباء مع الوعي الكامل من الفريقين بنتائج تلك الجراحات وبأنها ليست حلا سحريا يؤدي إلى السعادة الكاملة وإنما يكمن خلفها الكثير من المشكلات التي يجب أن توضع في الحسبان . وفي عام 1979م حين كان "بول ماك هو " (Paul McHugh)رئيسا لقسم الطب النفسي في جامعة جونز هوبكنز (Johns Hopkins) طلب من القسم إجراء دراسات تتبعية للحالات التي أجريت لها عمليات تحول جنسي , وكانت النتيجة أن المرضى الذين تم تحويلهم أعلنوا أنهم سعداء بانتمائهم للجنس الذي يرغبونه لكن حالتهم النفسية ككل لم تتحسن , وهنا وصف بول ماك عملية التحول الجنسي بأنها تعاون مع المرض وليس علاجا له .لذلك لا يصح أن يكون هناك قرار يبيح تلك العمليات على الإطلاق أو يجرمها على الإطلاق , وإنما تدرس كل حالة على حدة , ويتخذ القرار بناءا على تلك الدراسة الموضوعية لكافة جوانب الحالة (الطبية والنفسية والإجتماعية) ثم يتخذ القرار تحت سمع وبصر وزارة الصحة ونقابة الأطباء مسترشدا بالقواعد الدينية في المجتمع لضمان صحة الخطوات ولضمان حقوق المريض الطبية والقانونية والإجتماعية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق